الخرسانة العادية يُعد التعرف على الخرسانة، وتنوع مكوناتها ومركباتها، وفهم استخداماتها وتطبيقاتها المختلفة عاملًا مهمًا يمكّن القائمين على المشاريع من اختيار أفضل أنواع الخرسانة وأكثرها ملاءمة، فالخرسانة مادة متعددة الاستخدامات وتغطي نطاقًا واسعًا من الأهداف الإنشائية والتنموية، وهي تحيط بنا في كل مكان، من المباني التجارية الكبرى إلى الطرق والشوارع، والخرسانات تنقسم إلى أنواع، من ضمنها الخرسانة العادية.

في هذا المقال، سنتحدث عن الخرسانة العادية ومميزاتها والعوامل المحيطة بها.

تعريف الخرسانة العادية ومكوناتها
تُعرف الخرسانة العادية بأنها مادة إنشائية أساسية تتكوّن من خليط متجانس من الإسمنت والماء والركام (الذي يشمل الرمل والحصى أو الزلط)، وتُخلط هذه المكونات بنسب مدروسة للحصول على كتلة صلبة تمتلك مقاومة ميكانيكية عالية، وتُستخدم الخرسانة بشكل واسع في أعمال البناء لما تتميز به من قوة تحمل، وتوفر، وسهولة تشكيل، وتُصنَّف الخرسانة العادية بأنها الخرسانة التي تتراوح مقاومتها للضغط بين 10 و40 ميجا باسكال، وهي مناسبة للعديد من الاستخدامات مثل الأساسات، والجدران والأعمدة في المنشآت المتوسطة.

أما فيما يتعلق بزمن التصلب الأولي أو ما يُعرف بزمن الشك الابتدائي، فهو يتراوح غالبًا بين 30 و90 دقيقة تقريبًا بعد خلط المكونات، ويعتمد هذا الزمن على عدة عوامل، أبرزها نوعية الإسمنت المستخدم ودرجة الحرارة المحيطة والرطوبة، ونسبة الماء إلى الأسمنت في الخليط، ومن المهم الانتباه إلى هذه العوامل لضمان جودة الخرسانة العادية وكفاءتها عند الاستخدام في الموقع.

تاريخ وجود الخرسانة العادية
استطاع الرومان القدماء تطوير نوع فريد من الخرسانة منذ نحو 7000 عام، ولا تزال آثار استخدامهم لها واضحة حتى اليوم في العديد من المعالم الأثرية، ومن أبرزها "معبد البانثيون" الشهير في روما. وعلى الرغم من هذا الإنجاز التاريخي، إلا أن استخدام الخرسانة لم يشهد تطورًا ملحوظًا لفترة طويلة، حتى بدأ المهندسون في القرن الثامن عشر الميلادي بإجراء تجارب جديدة على مكونات الإسمنت بهدف تحسين خصائصه.

ومع بداية عقد 1820م، ظهر الإسمنت البورتلاندي الذي شكّل نقطة التحول نحو الخرسانة الحديثة، إذ تم اعتماده كأساس في معظم الخلطات الخرسانية. وقد شهد منتصف القرن التاسع عشر إدخال الفولاذ كعنصر تسليح داخل الخرسانة، مما عزز من قوتها ومتانتها، تلاه في مطلع القرن العشرين تطوير الخرسانة سابقة الإجهاد، والتي ساهمت في توسيع نطاق استخدام الخرسانة في مشاريع أكثر تعقيدًا وتحمّلًا.

تقدم الوقت للعصر الحالي
خلال العقود الـ75 الماضية، تطورت صناعة الخرسانة بشكل لافت، حيث تم ابتكار أنواع متعددة من الإسمنت، إلى جانب استخدام إضافات كيميائية ومعدنية حسّنت الخصائص الفيزيائية والميكانيكية والكيميائية للخرسانة، مما أتاح إمكانية تخصيص الخلطة الخرسانية وفق احتياجات المشروع بدقة أكبر.

وقد انتشرت الخرسانة المسلحة بشكل كبير على مدار القرن العشرين، بفضل التعديلات المستمرة التي أُدخلت على تركيبتها، ونتيجة لذلك، ظهرت أنواع متعددة من الخرسانة تتراوح بين منخفضة وعالية المقاومة، وبين خفيفة الوزن وثقيلة الكثافة، إضافة إلى أنواع خاصة تتلاءم مع ظروف بيئية وإنشائية محددة.

وفي وقتنا الحاضر، أصبح من الممكن اختيار نوع الخرسانة المناسب لأي تطبيق إنشائي، بفضل هذا التطور المستمر الذي جعل الخرسانة واحدة من أكثر المواد استخدامًا وموثوقية في عالم البناء.

مميزات الخرسانة العادية
الخرسانة العادية تعتبر هي البداية قبل وجود الكثير من أنواع الخرسانات المختلفة والمتنوعة، لذلك هي تحتوي على مميزات هي من جعلت من تطويرها متميز لوجود أنواع اخرى من الخرسانات، ومن ضمن المميزات هي كالأتي:

توافر المكونات وسهولة الحصول عليها
تتكوّن الخرسانة العادية من مواد أساسية مثل الأسمنت والركام (الرمل والحصى) والماء وجميعها متوفرة في معظم مناطق العالم، وهذا التوافر الواسع يسهّل الحصول على المواد الخام دون الحاجة إلى استيرادها من مناطق بعيدة، مما يقلل من التكاليف اللوجستية ويدعم الاقتصاد المحلي.

خلوّها من العيوب مقارنة بالأحجار الطبيعية
على عكس الأحجار الطبيعية التي قد تحتوي على شقوق أو عيوب غير مرئية، تُعدّ الخرسانة مادة صناعية يمكن التحكم بجودتها أثناء عملية التصنيع، وهذا يعني أن المنتج النهائي يكون أكثر تجانسًا وانتظامًا، مما يعزز موثوقيته في الاستخدامات الإنشائية.

إمكانية الوصول إلى مقاومة عالية بتكلفة اقتصادية
تتميز الخرسانة العادية بإمكانية تعديل خصائصها الميكانيكية وفقًا لمتطلبات المشروع، مثل زيادة القوة أو تقليل الوزن وكل ذلك دون تكاليف باهظة، وإذا يمكن من خلال تعديل نسب المكونات أو إضافة مواد خاصة الوصول إلى مستوى المقاومة المطلوب بكفاءة اقتصادية.